بين أسمائهم وصور وجوههم المطلة من ألوان اللوحات كنا في متحف الشهيد ياسر عرفات نحدق في الزمن الواصل بين تواريخ الاغتيال ونستعيد كثيراً مما حفظنا من مقولات وحكايات عن الشهداء ...
"غسان كنفاني، ووائل زعيتر، ومحمود الهمشري، وكمال ناصر، وحنا ميخائيل، وهاني جوهرية، وعز الدين القلق، وسعيد حمامي، ونعيم خضر، وماجد أبو شرار، وعبد الوهاب الكيالي، وعلي فودة، وعصام السرطاوي، وحنا مقبل، وناجي العلي".
أسماء فلسطينية شكلت علامات بارزة في رسم ملامح الهوية الوطنية خلال النصف الثاني من القرن العشرين لتترك بصماتها الفكرية والإبداعية في سجل النضال الوطني وفي سجل التاريخ الانساني رغم رصاصات الاغتيال الذي أرادت لهؤلاء المبدعين أن يصمتوا فلم يصمتوا وبقي الصوت - صوتهم مسافراً من جيل إلى جيل حاملاً نبضهم الإبداعي كمصدر أساسي من مصادر الإلهام الفلسطيني.
لذا صار لحضورهم بلاغة المعنى في التجدد حين تشكلت ملامحهم مرة أخرى من ألوان فنانين تشكيليين معاصرين، تقدموا من كل الجغرافيا الفلسطينية ليعيدوا بناء الرواية من صدق الرواية ذاتها ومن دفء العلاقة بين المعنى والحضور رغم الغياب ...
ورغم أن أغلب الفنانين المشاركين بلوحاتهم عن الشهداء لم يلتقوهم من قبل وربما لم يكونوا أصدقاء شخصيين أو حتى أقارب غير أنهم عرفوهم نصاً وكلمة وحضوراً ملهما في فضاءات الثقافة الفلسطينية. لذا صار معرض "اغتيال" في متحف الشهيد ياسر عرفات أيقونة وفاء وحالة فنية ووطنية تجمع مفردات الذاكرة في ثوب الحاضر كي تعيننا على تخطي مشقة التحديات نحو الغد، غد الحرية لفلسطين.
بالأمس وفي افتتاح معرض "اغتيال" كانت العائلة الفلسطينية تستعيد بعضاً من ملامحها التي مزقتها النكبة ... كنا هناك في وفرة الحضور بين اللوحات وفي الحديث والنقاش عن الذاكرة وفي استعادة الصور الغائبة ...
كانت فلسطين حاضرة بدلالاتها الوطنية وبثرائها المعرفي والانساني والنضالي، فلسطين التي نحب، فلسطين التي نريد ...
معرض " اغتيال" في متحف الشهيد ياسر عرفات في مدينة البيرة مساحة مميزة للتأمل والتذكر والإلهام، ففي هذه المساحة ينضج المعنى مجدداً عن ضرورة الثقافة كرؤية وانتاج وعمل ومعنى ... وأيضاً مقاومة ...
الثقافة مقاومة.